الكيل بمكيالين في القضايا الوطنية

بقلم: إبراهيم عبدالرحمن أبوسفيان

– الشركاء المتشاكسون الذين سرقوا ثورة الشعب السوداني وحكموا إنتهازياً وأقصوا كل من لا يوافق خطهم العلماني اليساري العميل المتطرف، والذين اُطِيحَ بهم بالأمس، كانوا قد إستخدموا الحصار الشامل للسودان كله (برا وبحرا وجوا وأثيرا وتجارة)، وساهموا مساهمة مباشرة – فرادى وجماعات وأحزاب – في حصار بلدهم وتجويع شعبهم واهلهم وقتل عشرات الآلاف منهم بتحريض الغرب على حصاره وحرمانه من الغذاء والدواء وقطع غيار الطائرات والقطارات والسيارات والمصانع وتجهيزات إستخراج البترول والأجهزة الطبية والآلات الزراعية والتجهيزات التعليمية والجامعية والمختبرية، والأدوية المنقذة للحياة، ومنعوا التدفقات المالية والإستثمارات بكافة أنواعها، بل منعوا حتى التحويلات المالية الصغيرة التي يحاول المغتربون تحويلها إلى أهلهم لسد بُلغَتِهِم، وحرموا بلادهم وجامعاتهم الحواسيب الذكية والأنظمة المتقدمة، عن طريق تلفيق التهم والأكاذيب والوشايات والنميمة والتزويد بالمعلومات المفبركة، كالأفلام التي مَثَّلُوها عن تجارة الرقيق والإتجار بالبشر وتدريب الإرهابيين وتصنيع الأسلحة الكيماوية بمصانع الادوية، وغيرها من التهم على مدي ثلاثين سنة باعترافاتهم.

قول وزير الخارجية السابق عمر قمر الدين منتشياً متباهياً، وقد أخذته العزةُ بالإثم: (كتبنا وثيقة فرض العقوبات الأمريكية على السودان بأيدينا ولن اعتذر عن مساهمتي في فرض عقوبات على السودان، فقد كان ذلك خيارا أخلاقياً في ذلك الوقت لا أعتذر عنه الآن)

كان حصار السودان وأجاعته وتقتيل شعبه من أجل أن يصلوا إلى الحكم أخلاقيا ومبررا في ذلك الوقت حينما كانوا خارج السلطة، ولكن بعد أن وصلوا لمبتغاهم   وتوهطوا في مقاعد الحكم إنتهازيا بدون إنتخابات، أصبحت تلك الوسائل حراما وخيانة وغير مبررة.

أما الآن بعد أن إنتفض عليهم الشعب والجيش وعزلتهم الجهة التي سلمتهم خطاءاً حكما لايستحقونه وفق وثيقة البيان السياسي العلماني لليسار الذي سموه كذبا وزوراً (وثيقة دستورية، وماهي كذلك)، عادت عقارب الساعة إلى الوراء مرةً أخرى إلى ما قبل إستلامهم الحكم، وانقلبت العمالة وخيانة الوطن والتحريض على حصاره مبرراً مرةً أخرى بسبب خلعهم من الحكم الإنتهازي، فعادوا مرةً أخرى يحجون ويعتمرون إلى السفارات الغربية ويطوفون ويضطبعون بينها.

وهُرِعوا إلى التواصل مع أصحابهم السابقين في مجلس الشيوخ الأمريكي يجمعون لهم توقيعات الخونة والمغفلين، من اجل دفع مجلسي النواب والشيوخ إلي إصدار قرارات حصار بلادهم من أجل تجويع الشعب لدفعه إلى الثورة والتظاهر والموت من أجل إستعادتهم عرش الحكم الإنتهازي الذي فقدوه.

أما على الصعيد الداخلي فهم من إستن سُنَّةِ تتريس وتخليع وتخريب الشوارع والكباري والأحياء من أجل الوصول إلى الحكم، ولم يسبقهم إليها أحدٌ من عالمي (الإنس والجن)

وأذكر جيدا إحصائية ذكرها مسئول طبي أيام الصراع بين المجلس العسكري وقحت وتجم حينما كانت تجم وقحط تستخدمان (قميص عثمان قتلى فض الإعتصام) لتهييج الجماهير وتسيير المليونيات ويترسون الشوارع ويغلقون الأحيأء ويحرسون مداخلها بشبيحة قحت وتجم، من أجل أن يسلمهم الجيش السلطة منفردين دون بقية أهل المصلحة، ودون توافق جامع شامل، ودون إنتخابات، خرج مسؤول طبي وذكر أن ضحايا التتريس من مرضى الغسيل الكلوي والولادات المتعسرة والنوبات القلبية التي لم تتمكن من الوصول للمستشفيات بسبب التروس والإغلاق، من مدينة أم بدة وحدها بلغت ثلاثين من الأموات، فكم يبلغ عدد الحالات في العاصمة المثلثة كلها لو جمعت؟

ويخرج اليوم أحد شركائهم في الحكم قبل الإطاحة، من قوى الكفاح المسلح ويتحداهم بنشر مضابط مجلس السيادة، ومجلس شركاء الحكم، ولجنة التمكين حيث كان حكام الأمس مخلوعو اليوم يطالبون فيها الجيش وبإلحاحٍ شديد، بضرب متظاهري شرق السودان والمتظاهرين ضد حكومتهم.

كلما سبق يوضح للصم البكم والعُمي الذين يناصرونهم بدعوى (المدنية الكاملة) التي لا يمكن تحقيقها بغير الإنتخابات، أن هؤلاء المفسدون في الأرض (قحت١) لا خلاق لهم ولا مباديء، وغاية الوصول إلى الحكم عندهم تبرر الوسيلة، والتي ليس صندوق الإنتخابات من ضمنها قطعاً، فعن أي  مليونياتٍ يتحدثون؟

وعن أي احترام للحريات، أو خشية على أرواح الناس، او حرصٍ على الديمقراطية وحقوق الإنسان يتحدثون؟

* أبوسفيان