خطاب البرهان..(الني للنار)
بقلم: هبة زمراوي
* لم إستغرب من تساؤلات الكثيرين من الناس عن ما هو مضمون خطاب رئيس المجلس العسكري أو كما يسمى نفسه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وتعجب البعض من أنهم لم يفهموا ماذا قال البرهان في خطابه، في حقيقة الأمر لم يكن هناك شيء مهم أو لم يحوي على سياسات تخدم الوضع السياسي في الوطن وفي أبسط الأحوال أن يستفيد المواطن منها بشيء مقابل إقتطاع زمنه لمتابعة هذا الخطاب المهم.
وبعد التحليل العميق لفقرات الخطاب نجده إنقلب علي خطابه في الخامس والعشرين من إكتوبر من العام الماضي فبعد ان كانت أسباب الانقلاب أمنية، تحولت في هذا الخطاب الي صراع بين القوى المدنية لا علاقة للمؤسسة العسكرية بها، فيبدوا أن البرهان إستطاع أن يزيل أسباب الانقلاب وبعدها نصب نفسه كراعي للسودان دون إعلان ذلك، حتى ينتظر من القوى المدنية تكوين حكومة تنفيذية ورفعها لورثة الارض من المؤسسة العسكرية ومليشيا الدعم السريع، ثم أن سعادته لم يوضح للشعب السوداني الذي وجه له الخطاب عن مصير الحركات المسلحة هل ستكون مع ورثة الأرض أم مع القوى المدنية التي لا تحمل سلاح ولا تمتلك جيوش ولا تملك منصباً في الحكومة الحالية، ثم هل الحوار الذي تحدث عنه البرهان في خطابه المبهم سوف يشمل أحزاب البشير التي تحولت لأحزاب البرهان تلقائيا بعد سقوط الأول، ثم ماذا عن القضاء هل يوافق البرهان علي تعيين رئيس قضاء ووكيل للنيابة من الشرفاء الذين يستطيعون لف حبل المشنقة علي رقبته هو ونائبه وكل من عاونهم من القتلة والمفسدين.
ثم متى سوف تكون نهاية هذة الفترة الانتقالية التى سوف تشكل القوى المدنية حكومتها الشكلية، هل يتم تحديدها وفق للوثيقة الدستورية المنتهكة أم وفقاً لاتفاقية سلام جوبا أم ستحدد بفترة جديدة أخرى يتم الإنقلاب عليها كلما أراد العسكر ذلك، أما الحديث عن التحقيق في قتل المتظاهرين فالشعب السوداني لم ينسى جريمة فض الاعتصام لأن الذين قتلوا غدراً هم فلذات أكباده والكل يعلم نتيجة التحقيق في هذة القضية البشعة التي كانت محصلتها صفر (تجربب المجرب إن لم يكن منهج الخاسرين فهو غباء)، وأما عن قوله (نتأسف علي سقوط ضحايا من كل الأطراف) فهنا إنتقل البرهان بالمعركة بعد أن صورها في بداية الخطاب علي أنها بين المدنيين فقط بعدم خوض المؤسسة العسكرية في الحوار حول تكشيل حكومة تنفيذية جديدة ومحاولته أن يقنع الشارع بهذا التصور، إنتقل مرة اخرى على أنها بين الثوار والقوات الأمنية واضعاً الهتافات السلمية والرصاص الحي في كفة واحدة وأن هناك تساوي في قتلة الطرفين والمعلوم أن القوات الأمنية لم يقتل منها أحد أثناء الإشتباك مع الثوار سوي الضابط بريمة الذى ما زالت ملابسات قضيته لم تحدد بعد والتي يتهم فيها الثوار القوات الأمنية بتصفيته وفي ذات السياق تتهم القوات الأمنية الثوار بقتله.
وفي الحقيقة خطاب لا يخرج من كونه حلقة مفرغة يدور حولها البرهان وخطاباته بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، أو بصفته رئيس المجلس العسكري أو رئيس مجلس السيادة أو الاثنين معا، فيدعو إلي المفاوضات ويكون حكومة ثم ينقلب عليها ليكون حكومة اخرى ثم يدعو للمفاوضات تارة اخرى ليكون حكومة وينقلب عليها أيضاً (الحلزونة يمة الحلزونة).
أما م يجب أن تفعله القوى المدنية بعد هذا الخطاب المفخخ ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) وعليها الحذر من الوقوع في نفس الغلط وعدم خلق حلقة مفرغة اخرى لها موزاية لحلقة البرهان.