عزمي عبد الرازق يكتب: ماذا يجري داخل وزارة الطاقة والنفط؟
عزمي عبد الرازق يكتب:
ماذا يجري داخل وزارة الطاقة والنفط؟
ارتجف القلم بين أصابع لمياء، المحرر النشطة في الموقع الاقتصادي، وهي تعد العدة لتحقيق صحفي، كان طوال الأشهر الماضية، يؤرقها، وبعد جهد جهيد لم تحصل على إجابة عما يحدث داخل وزارة الطاقة والنفط، الفرضية التي بنت عليها فكرة التحقيق، هي صعود شركة غامضة للعمل في مجال استيراد المواد البترولية، على حساب بقية الشركات التي دخلت هذا المجال بعقود رسمية، بعد فك الاحتكار، ليس بمقدور لمياء أن تتحدث إلى مدير الإمدادات، ولا إلى وزير المالية، أو أي مسؤول معني بهذا الملف، فهم، على ما جرت العادة مؤخراً، يتهربون من قول الحقيقة، أو يتحدثون ولا يقولون شيئاً، فالأسئلة عمياء وحدها الأجوبة التي ترى، وفقاً لصاحبة فوضى الحواس، لكن ما أقلقها بالفعل، أي لمياء، تنامي مؤشرات العودة للاحتكار، ليس لصالح الحكومة، وإنما لغول جديد، هكذا تخيلته، يعرف من أين تؤكل الكتف، وقد جرت العادة أن تقوم لمياء بجمع التصريحات وتحليلها، والبحث وراء السطور والأدراج، فهذه وزارة مهمة بالفعل، تعمل بعيداً عن الرقابة، لا مجلس تشريعي، ولا رئيس قوي وأمين، ولا صحافة بيدها الوصول إلى مظان الحقيقة، فجأة ترتفع أسعار الوقود، ثم تنخفض مرة أخرى، دون مشاورة شركات الاستيراد، الشركاء المعنيون بالأمر، في ظل وجود ناقلات تم استيرادها بمتوسط شهرين، شهري التعاقد والوصول، بينما الأسعار في شهر يناير الأخير، في زيادة مضطردة، ثمة أرقام مثيرة تحتاج إلى محللين اقتصاديين، وقرار أقدمت عليه الوزارة بوقف تصاديق استيراد المواد البترولية دون مراعاة للعقود التي المبرمة مع شركات عالمية، ووصول ناقلات رابضة في الميناء ترفض الوزارة التصديق لها، فضلاً على رفع إيجار المستودعات إلى 120 ألف دولار، رغم أن تلك الشركات هي التي قامت وحدها بإنشاء المستوطنات، ثمة شيء مُريب، فهل هو التأميم؟ وهل تملك الوزارة كميات كبيرة من البترول تريد بيعها بأي ثمن؟ لا أحد يجيب بالطبع، ولكن لمياء في دأب وسعي، وقد فهمت خفض الأسعار داخلياً في ظل ارتفاعها عالمياً، أن السلطة الخفية، هكذا وصفتها، لأن اسم مافيا ربما يجلب لها المشاكل، تريد تعريض شركات الاستيراد الخاص لخسائر فادحة، وخروجها من هذا المجال عنوة، تمهيداً لخطوة قادمة، وظهور ثقب هائل سوف يبتلع كل شيء. لمست المحررة الذكية أطراف خيوط مهمة ربما تقودها إلى الحقيقة، إلى النور، نقلات سريعة في لعبة الشطرنج، فهل كان عليها أن تشجع العودة لسياسة الاحتكار والسيطرة الحكومية؟ لقد ذمأ عليها الأمر وهي التي لا تزال تحتفظ بمقولة آدم سميث رائد الاقتصاد الشهير، وهو يزعم أن “الطموح الشخصي يدعم المصلحة العامة” لتكن منافسة شريفة إذن، تضمن الوصول على منهجية تحل الأزمات، ولا تكتفي بضبطها فقط، لم تجد المحررة الاقتصادية وسيلة مواصلات عامة تقلها إلى منزل أسرتها، إذ أن أسعار مشوار السيارات الخاصة في ارتفاع، رغم خفض أسعار المواد البترولية قليلاً، لكنها مع ذلك ظلت تتعاطف معهم، الاسبيرات عالية، الضرائب لا تطاق، الحياة في السودان الانتقالي كلها الغاز وجور وتطفيف، لا رقيب على الأسواق، لا أحد يعبأ بما يجري، فتلك مدين وذاك أخاهم شعيب، يخاف عليهم وينصحهم “ولَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ”، ولكن من يسمع؟