مبارك الفاضل (فرض الوصايا و احتكار الجدارة)
مقال بقلم: بشارة سليمان نور
في الوقت الذي يواجه فيه الشعب السوداني أكبر المخاطر التي تتعرض لها دولة في العصر الحديث بوحدة كاملة ويقين راسخ بالرغم من الفوارق الكبري من حيث الإمداد والاسناد المالى واللوجستى للعدو المستأجر المنبت عن تراب هذا البلد وتاريخه وشعبه والذي سيكون منبتا بعون الله وبتضحيات الشعب بكافة اطيافه سيكون منبتا عن مستقبله الوطني المستقيم الذي سيبني على الوحدة والتماسك الوطني القائم على العداله والمساواة في الحقوق والواجبات،يأبي مبارك الفاضل المهدي إلا أن ينجر الي الماضي المشوؤم الماضى ذاته الذى أنتج هذه الكوارث الوطنية المتلاحقة،الماضى القائم على فرض الوصاية على الأخرين عبر إدعاء امتلاك الحقائق وإهداء الأخرين سبل الرشاد،بينما على الاخرين الانقياد الأعمى للاسياد،وهو ذات النموذج البائس الذي تقاتل من أجله المليشيا وحلفائها،لإنتاج دولة قائمة على الملك العضوض فالديمقراطية والبداوة خطان متوازيان لايلتقيان الى قيام الساعة،فالمشروع القائم على إقامة نموذج قد بارحه السودان قبل نحو أكثر من قرنين من الزمان(الممالك السودانية القديمة)يراد أن يعاد لصالح أسرة تاريخ دخولها للسودان يأتي تاليا لتاريخ اول ثورة شعبية في أفريقيا والعالم الثالث،،(ثورة أكتوبر المجيدة)الثورة التى قامت ضد حكم ضباط وطنيين مجافيين لكافة أوجه العمالة والخيانة والارتزاق، بل كانت لديهم رؤية وخطة اقتصادية لايزال الشعب ينتفع من بعض مشاريعها التي نفذت وقتها،هذا هو التاريخ الذي لاينتبه له مبارك الفاضل ولاقادة المليشا وحلفائها
فمشروع المليشا ومبارك الفاضل واحد،بينما الفارق في الآليات، ففي ظل هذا الاستواء الوطني الواضح يريد الفاضل أن يمارس الوصايا بحق الحركات المسلحة والتى تحمل سجلا وطنيا لايستطيع مبارك ولاغيره من المزايدة عليها،فقد قادت الحركات نضالها السياسي والعسكري تحت تاج الشرف الوطني والاخلاقى لمايقارب العقدين من الزمان فلم تنهب أو تسلب حقا عاما أو خاصا،ولم تقدم رؤية سياسية تتعارض والمصالح الوطنية العليا كما لم تتحول في قمة صدامها مع الحكومات المركزية لسمسار معلومات لأجهزة الاستخبارات الإقليمية والدولية لضرب مصانع الأدوية أو مصانع التسليح الوطنية،يتحدث مبارك الفاضل عن دور ومستقبل الحركات المسلحة بإبتزال يشابه تاريخه السياسي القائم فقط على تحقيق مصالحه وحظوظه الخاصة،تحدث عن بيع الحركات لسلاحها للقوات المسلحة،فالحركات لاتبيع سلاحها للوطن،فالحركات قدمت ولاتزال وستظل تقدم ماهو أغلى من السلاح فداءا للوطن والشعب السوداني الأبي الذي يحفظ لها في سويداء فؤاده تاريخها النضالي الناصع فلايزال يتذكر دخولها لام درمان وكيف ان قادتها وجنودها تعاملوا مع المدنيين حيث لانهب ولاسلب ولا اعتداء،ولو كان الحركات تعرض سلاحها وشرفها للبيع في سوق السماسرة السياسين لباعت ذلك للمليشا حيث الإمداد المالى الغير متناهي ،فقد قدمت المليشا أكثر من المبلغ الذي ادعاه مبارك الفاضل لحفنة من القيادات التي باعت أرضها وشعبها وتاريخها لصالح الأموال اعطتها لها المليشيا ملايين الدولارات بالرغم من عدم امتلاكها للقواعد الشعبية ولا القوات الميدانية المقاتلة،
ولكن مبارك ولانغماسه المستمر فى السمسره السياسية بعد فشله المتكرر في تكوين كيان سياسي له وزن وقواعد حقيقة،لايصدق الموقف الذى اتخذته الحركات بالانحياز للموقف الوطني رغم كلفته الفادحة ولكنها تكلفة واجبة السداد لكل وطني ، فإن المقابل المرتجى والمنتظر منها ليست اموالا ولاتعويضات ولكنه يتمثل في المحافظة على وحدة الوطن أرضا وشعبا،ولعل مبارك لايدري أو يتعامى أن الذي حال دون قيام النموذج الليبي(الحكومتين)هو موقف الحركات المسلحة،بل ولاحقا أن الذي منع إعلان انفصال دارفور هو الموقف الذي اتخذته الحركات وفي الحقيقة ليسا موقف وإنما ثمن غالي لاتزال الحركات تدفعه في بورصة الولاء الوطني حيث تقدم يوميا الشهداء في الفاشر وفي كافة محاور القتال،كان على مبارك الفاضل أن كان جادا في موقفه ضد المليشا وضد المشروع الأجنبي الذي يستهدف البلاد أرضا وشعبا أن يدرك أن محاولة الانفراد بالجيش وعزله عن الحواضن الإجتماعية والسياسية والمسلحة الداعمه له ماهي إلا آلية أخرى من آليات الحرب و الانهاك التى تدار بحذاقة ضد بلادنا، ان موقف الحركات المسلحة منذ اتفاقية جوبا للسلام كان مصوبا نحو جديتها المبينة في بند الترتيبات الامنية عبر الدمج وإعادة التسريح، فعندما كانت الحركات تضغط لإنفاذ هذا البند،وبضرورة وفاء الحكومة المركزية بالالتزامات المالية تجاه إقليم دافور المخصصة للمشاريع التنموية والمقدرة سنويا بسبعمائة وخمسون مليون دولار،
كانت المليشا وحلفائها يضخون مليارات الدولارات للاعداد لهذه الحرب،عبر شراء الأسلحة وتدريب مئات الالآف داخل وخارج السودان،وبالرغم من اندماج غالب مقاتلى الحركات في الحياة المدنية بعد تطاول سنوات النضال ورهقها الطويل فعندما دقت ساعة النداء الوطني لم تكن تملك الحركات خيارا غير الاستجابة بالرغم من حالة عدم الجاهزية القتالية لحظة اندلاع الحرب فقد رمت الحركات بكافة ثقلها لوداع الحرب وتثبيت السلام،كنا نظن كما غالب الشعب أن هذه المعركة تجب ماقبلها من السلوكيات السياسية الكارثية القائمة علي الوصايا على الأخرين ومصادرة حقهم في التعبير عن رؤيتهم في إطار الرؤية الوطنية الكلية والشاملة المتشكلة من جميع الشركاء الوطنيين، إلا أن مبارك الفاضل لم يغادر بعد محطة الإحتطاب المعلوماتي ،فقد تطورت آليات العمل المعلوماتي وادواته واضحى بيع المعلومات المغلوطة هو الأسلوب الأمثل لضرب مصداقية السماسرة السياسيين هذا أن كانت لهم مصداقية اصلا،
فمبارك يتحرك فردا بين دوائر المعلومات المضروبة،لايملك حزبا سياسيا حقيقا ولاقاعدة اجتماعية مؤثرة،ينظر بشفقة وإستعجال لمالآت مابعد الحرب ويهندس منذ الان بخياله مكاسبه الخاصة جدا،بعيدا عن النظر للمخاطر المترتبة على منح الشرعية لمليشا لاتعترف بالحدود الوطنية عبر استيعابها المعلن للالاف من المرتزقة الأجانب، يريد الفاضل في إطار الاستعجال الموسوم به مكافأة المليشيا بإستفرادها بالجيش إلغاء كافة الجهود والحقوق الوطنية الاخري المستندة لاتفاقيات سلام مثبتة في الوثيقة الدستورية،ويريد كذلك للالاف من منتسبي الحركات المسلحة المنتشرين الآن في كافة إقاليم السودان الملتحمين مع شعبهم ومع الجيش في شندي وعطبرة والقضارف والدمازين والدندر والجزيرة وسنار وامدرمان الفاشر والنيل الأبيض ويقدمون في كل يوم بل في كل ساعة شهيد وجريح،وموقف الحركات المسلحة من قضية الجيش الواحد واضح كالشمس لانها تري في تعدد الجيوش خطرا علي الامن القومي ومهددا لأي أفق ديمقراطي فالحركات شكلت القوة المشتركة كبداية لعملية الادماج وقد لعبت هذه القوة المشتركة دورا محوريا هاما في الحفاظ علي الدولة بعد اندلاع الحرب الحالية،كما ان الحركات تمتلك سلاحها الخاص والذي وظفته في إطار معركة الأجندة الوطنية وماضية في إكمال بروتوكول الترتيبات الامنية الذي ينتهي بالاندماج الكامل في الجيش الوطني الذي يمثل كل السودانيين وفق معايير متفق عليها، كما أن بروتوكول الترتيبات الامنية يشتمل بجانب الادماج على عمليات التسريح التي تقتضي ان يمنح المسرح مايعينه علي الاندغام في الحياة المدنية،اما مبارك الفاضل وفي إطار تحولاته المكوكية في مواقفه السياسية يريد أن يجرد الحركات وكل منتسيبها الذي يقاتلون الان حتي قبل إكمال ترتيبات الدمج والتسريح في كافة الجبهات من حقهم في صياغة اي اتفاق لوقف الحرب يخاطب مخاوفهم ويصون حقوقهم الوطنية في هذه المرحلة الوطنية الفاصلة،ولعلم مبارك الفاضل أن الحركات وسلاحها وشرفها ومواقفها ليست للبيع والشراء،فقد قدمت كل ماتملك بشكل حصرى ونهائي وبلا ثمن للواجب الوطني،فالشعب السوداني وحده في كافة اتجاهاته هو من يملك حق الوصايا وليست مليشات الاستبداد ولا أصحاب أوهام السيادة المتوارثة من الأجداد.